تتناقل الهواتف المحمولة بين وقتٍ وآخر مشاهد لفتية يثيرون الشغب أو يخربون الممتلكات العامة يرافقها سيل من الشتائم والسخرية والانتقاص منهم، بل أن البعض قد يجدها فرصة ليشمت بهم في حال تم إيقافهم من قبل السلطات الأمنية دون مراعاة لسنوات عمرهم الصغير.
ولا يخفى على الكثير منا التغييرات التي طرأت على الإعلام ، حيث أصبح انتقال الصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أسرع من وكالات الأنباء الدولية وما يعكسه هذا سلباً على صورة المجتمع وشبابه في الخارج.
” لا تحسبوا رقصي بينكم طرباً فالطائر يرقصُ مذبوحاً من الألمِ”
هكذا هو لسان حال أولئك الفتية وهم يثيرون الشغب.
أترونهم مخربين؟
سأخبركم كيف أراهم وأشعر بهم.
هم أطفال يشبهون معظم أطفال العالم لكنهم يخفون بداخلهم قدراً كبيراً من الألم يخرجونه بهذه الطريقة العكسية من الصراخ والتخريب والضحك الهستيري والعدائية للمجتمع.
يصرخون ويحطمون، يثيرون الضجيج، وكأنهم بهذا يريدون اعترافاً علنياً بهم و بوجودهم.
أراهم أطفالاً غادروا أحضان أمهاتهم على عجلٍ دون فطام، فتلقفهم الشارع الذي لا يرحم أحداً.
أشعر بخوفهم، و ذهولهم من هذا العالم الكبير الذي لا مكان لهم فيه، لا أحد يراهم، لا أحد يشعرهم بأهميتهم، لا أحد يعترف بوجودهم، لذلك ينتهجون هذه الطريقة في قول ” نحن هنا ” و ربما لو عاملهم أحد ما بقدرٍ من الحب والاهتمام لقفزوا فرحاً كتلميذ صغير نال نجمة من أستاذه المفضل.
وكم أتمنى لو أن بيدي من الأمر شيء فأوكلت إليهم عملاً مجتمعياً هاماً، يصلحون به ما أفسدوه وكافأتهم بعده بدلاً من إيقافهم أمنياً.
نعم هم يعانون و بحاجة إلى علاج يوقف معاناتهم، هذا الفقد الواضح للحب والاهتمام الذي يجعل الكثير منهم يرتمون بسببه في أحضان بعضهم البعض كبديل لحضن الأم والأب ويتوهون في دوامة من التصرفات التي يراها المجتمع عدائية و تخريبية.
هم ظاهرة سببها الأسرة والمدرسة والمجتمع وجميعنا مسئوولون عن علاجها.
التعيقات (1)
ما اجمل ما تكتبين دائما استاذة غادة العبدلى… وما أجمل نقاء ونبل فكركم، الذى يسعى دائما وابدا للاصلاح.. صدقت فالمسؤولية مسؤوليتنا جميعا ويدا بيد نحو الافضل دائما باذن الله.